لمسة حنان
ماهية الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام 5540.imgcache
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
[b][color=black]سنتشرف بتسجيلك[/col
لمسة حنان
ماهية الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام 5540.imgcache
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا

او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
[b][color=black]سنتشرف بتسجيلك[/col
لمسة حنان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ماهية الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نعمة
.
.
نعمة


انثى عدد المساهمات : 329
تاريخ التسجيل : 05/04/2010

ماهية الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: ماهية الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام   ماهية الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام Icon_minitime1الجمعة مايو 14, 2010 11:59 pm

إن المهمة الأساسية لرسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت منصبة على بيان القرآن من خلال السنة النبوية، باعتبار سنة الرسول هي الترجمة العملية لنصوص القرآن، والوجه الآخر للشريعة الإلهية، وللدين الإسلامي كله، فالشريعة الإلهية، والدين الإسلامي ليسا أكثر من كتاب منزل ومن نبي مرسل، ولتأكيد هذا الترابط والتكامل بين الاثنين، أمر الله سبحانه عباده بطاعة الله ورسوله معا، وأكد القرآن الكريم بكل وسائل التأكيد بأن طاعة الرسول عمليا هي كطاعة الله، ومعصية الرسول تماما كمعصية الله، (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وحتى لا تكون للمكلفين حجة، أو مبرر للتلكؤ عن طاعة الرسول، فقد شهد الله لنبيه بأنه لا ينطق عن الهوى، وأنه يتبع تماما ما يوحى إليه من ربه وكفى بالله شهيدا. ثم إن الرسول الأعظم لم يبعث لقوم دون قوم إنما بعث للعالم كله، وهو خاتم النبيين فلا نبي بعده، والشريعة الإلهية التي أوحاها الله لنبيه هي آخر الشرائع الإلهية، فلا شريعة إلهية نافذة من بعدها، لقد أوجد الرسول تحت الإشراف الإلهي المباشر، النموذج المتحرك، والآلية اللازمة لإنقاذ العالم وهدايته إلى دين الإسلام، وبنى الرسول دولة الإيمان، مؤسسة بعد مؤسسة لتحمي حرية الاختيار، ولتجسد طبيعة العلاقة الشرعية بين الحكام والمحكومين.


اكتمال الدين وانتهاء مهمة النبي كرسول


لقد أوجد الرسول الأعظم تحت الإشراف الإلهي المباشر نموذج مجتمع الإيمان، وبين القرآن الكريم من خلال سنته الشريفة، فما من شيء يحتاجه الناس إلى يوم القيامة إلا وله أصل في القرآن الكريم وتفصيل في سنة الرسول، لقد ترجم الرسول (صلى الله عليه وآله) الشريعة الإلهية (القرآن وبيانه) أو (القرآن وسنة الرسول) من النظر إلى التطبيق ومن الكلمة إلى الحركة. ولم يبق من أمور الدنيا والآخرة شيء إلا وضحه الرسول وبينه حسب التوجيهات الإلهية.

ولأن القرآن هو المعجزة الشاهدة على صدق الرسول، ولأنه أصل الشريعة الإلهية الحاوي لأحكامها ومبادئها، فقد أمر الرسول بكتابته وتدوينه، آية آية، وكلمة كلمة فكلما نزلت على رسول الله كوكبة من القرآن الكريم، كان الرسول يتلقاها من ربه، مع التوجيه الإلهي في أية سورة يضعها، فكان الرسول يأمر الإمام عليا على الفور بكتابتها وفي الموضع المحدد إلهيا لها، وكان الرسول يعلن على المسلمين عن نزول أية كوكبة من القرآن، ويبين لهم بأية سورة يضعونها، ويأمر القادرين على الكتابة بكتابتها.

وكان الرسول الأعظم يبين ما أنزل إليه من ربه أولا بأول عن طريق سنته المباركة بفروعها الثلاثة، ويأمر الإمام عليا بتدوين هذا البيان أو هذه السنة المباركة أولا بأول، ويأمر الناس ويحثهم على كتابة القرآن وكتابة السنة.

وعندما نزلت آخر آية من القرآن الكريم كان لدى الرسول والإمام علي نسخة كاملة من القرآن كما أنزل تماما، لم تتقدم كلمة على كلمة أو حرف على حرف، كما كان لدى الإمام علي السنة النبوية كاملة بإملاء رسول الله وخط علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهذا أمر طبيعي لأن القرآن وسنة الرسول (صلى الله عليه وآله) هما الشريعة الإلهية، والشريعة يجب أن تكون مدونة ومكتوبة، حتى يحتج أصحاب الحقوق بنصوصها، وفي الوقت نفسه الذي أملى فيه الرسول (صلى الله عليه وآله) سنته كاملة على الإمام علي (عليه السلام)، وكتبها الإمام علي بخط يده، كان رسول الله يأمر المسلمين بتدوين وكتابة سنته، وبالفعل استجاب المؤمنون للأمر الإلهي، فكل واحد من أصحاب الهمم العالية كتب نسخة كاملة من القرآن الكريم، وكتب طائفة من سنة الرسول، وما من قادر على الكتابة إلا وقد كتب على الأقل سورا من القرآن الكريم، وطائفة من نصوص سنة الرسول، ويمكنك القول إن المنظومة الحقوقية الإلهية، قد شاعت وانتشرت بين الناس، وأحيط الجميع علما بأحكامها، بهذا الوقت بالذات نزل قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).

لقد انتهت مهمة النبي كرسول، حيث اكتمل نزول القرآن، ودون كله واكتمل بيان القرآن، ودون هذا البيان كله بإملاء رسول الله وخط الإمام علي.. ولخص الرسول الأعظم في غدير خم الموقف للأمة، ثم أعلن بأنه بعد عودته إلى المدينة بقليل سيمرض، وسيموت في مرضه، لأنه قد خير واختار ما عند الله بعد أن أدى الأمانة، وبلغ الرسالة.


مهام الرسول واختصاصاته وصلاحياته، ومن يتولاها بعد موته؟


1 - المهام:

كانت أولى مهام النبي واختصاصاته أن يتلقى القرآن من ربه، وأن:

أ - يتلوه وقد تلقى القرآن الكريم وتلاه بالفعل.

ب - أن يحافظ عليه فيجمعه ويدونه، وقد جمعه بالفعل ودونه.

ج - أن يأمر الناس بتلاوته وحفظه وجمعه، والمحافظة عليه، وقد فعل الرسول ذلك.

د - أن يبين القرآن للناس من خلال سنته المباركة القولية والفعلية والتقريرية، وأن ينقله من الكلمة إلى التطبيق والحركة، وقد بين رسول الله القرآن وطبقه بالفعل.

ه‍ - أن يدون رسول الله بيانه للقرآن أي سنته الطاهرة، وأن يكتبها على اعتبار أن القرآن والسنة هما المنظومة الحقوقية الإلهية، أو هما القانون النافذ، ويجب أن يكون مكتوبا، وبيد أمينة حتى يمكن الرجوع إليه، وقد دون رسول الله بيانه للقرآن، أو سنته، بإملائه شخصيا وبخط الإمام علي بن أبي طالب، فما من شيء يحتاجه الناس إلى يوم القيامة إلا وقد أملاه الرسول وكتبه الإمام علي بخط يده، وفي الوقت نفسه أمر رسول الله المؤمنين والمسلمين بتدوين وكتابة بيان القرآن أو سنة الرسول، فاستجاب المؤمنون، ودون وكتب كل قادر منهم على الكتابة طائفة من سنة الرسول.

و - أن يوجد الرسول نموذجا أو آلية للاستمرار، والحركة الدائمة في إطار الشرعية والمشروعية الإلهية، وقد أوجد الرسول بالفعل آلية الدعوة، حيث دعا من حوله فردا فردا وجماعة جماعة، ورتب العلاقات بينه وبين الذين اتبعوه، كرسول، وكولي وكقائد، وكمرجع عام لهم، ورتب العلاقة بين الذين اتبعوه، وبينهم وبين غيرهم من الجماعات والأفراد، وبنى دولة الإيمان، حسب التوجيه الإلهي، لتكون نقطة تجمع للذين آمنوا، وهوية سياسية تميزهم عن غيرهم، ونواة لحماية حرية الاختيار.


2 - الصلاحيات:

كان الرسول خلال حياته المباركة، هو النبي، وهو الرسول وهو الولي، وهو الإمام وهو القائد، وهو المرجع العام الأوحد للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، طاعته إيمان، وطاعة لله، ومعصيته فسوق وعصيان ومعصية لله، فهو رئيس الدولة، وهو رئيس الدعوة أيضا وهو المسؤول الأعلى عن مستقبل الدعوة والدولة معا، وهو الأمين على وحي الله وشرعه، فحكمه حكم الله. وأقواله، وأفعاله وتقريراته جزء لا يتجزأ من شرع الله، فهو المرجع العام في شؤون الدنيا والآخرة، لأنه الأعلم، والأفهم والأفضل، والأتقى، والأقرب لله، ولأنه المختص، والمعد، والمؤهل إلهيا لكل ذلك، ولأنه معصوم عن الوقوع في الزلل والخطأ، فقد شهد الله بأنه لا ينطق عن الهوى، وأنه يتبع تماما ما يوحى إليه من ربه.

فمن ادعى بأنه أفهم من الرسول، أو أفضل منه، أو أغير على الإسلام منه، أو زاود عليه، فلم يرض بما رضي به الرسول، أو ادعى بأنه يحب الإسلام والمسلمين أكثر منه، فاعلم أن ذلك المدعي، فاسد، ومنافق، ومأفون، وتافه.

والسر في هذه الصلاحيات الهائلة التي أعطاها الله لنبيه:


1 - هو أن الله هو الذي اختار الرسول للرسالة والنبوة والولاية والمرجعية.

2 - وأن الله قد عصمه عن الزلل والوقوع في الخطأ أو إساءة استعمال هذه السلطات الواسعة.

3 - أنه هو الأفضل والأفهم والأعلم والأتقى والأقرب لله.

4 - أن الله سبحانه وتعالى قد أعده، وهيأه لبيان القرآن، وتطبيق القرآن وبيانه.

وقد أثبت الواقع التطبيقي لعصر الرسالة الزاهر، أن الله أعلم حيث يضع رسالته، فلم ينحرف الرسول عن المقاصد الإلهية قيد أنملة، ولا تدنس بشهوة مهما كانت يسيرة، لقد كان دائما حيث أراده الله أن يكون، وبالوضع الذي أراده الله له.

وفوق هذا وذاك، فإن المسلمين، قد رضوا بما اختاره الله، فبايعوا رسول الله بالرضا على ذلك، أو تظاهروا بالرضا، فسلطات الرسول مستمدة من الاختيار الإلهي، ومن الإعداد الإلهي، ومن التأهيل الإلهي، ومن الضمانة الإلهية بعدم إساءة استعمال هذه السلطات الهائلة، ومن المميزات الخاصة التي خص الله بها نبيه، ثم من طبيعة دين الإسلام، ثم من موافقة الذين اتبعوه أو تظاهروا بإتباعه، ثم من منطق الأمور وجسامة المهام الملقاة على عاتقه.

وبالإجمال فإن الرسول الأعظم كان هو المسؤول الأعلى عن الدولة بكافة مقوماتها، وعن الدولة بكل طموحاتها، وعن مستقبلهما معا، وهو المؤتمن على دين الله وشرعه الحنيف، والمرجع الأعلى لكافة الأمور الدينية والدنيوية معا حيث تتداخل الأمور الدينية والزمنية معا في الإسلام، ويتعذر التفريق بينهما.


الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام أصل من أصول الدين الأساسية


منذ اليوم الأول الذي أعلن فيه الرسول أنباء النبوة والرسالة والكتاب، وطوال عصر النبوة الزاهر، وإلى اللحظة التي صعدت فيها روح النبي الطاهرة إلى بارئها، كان واضحا للجميع - المسلم وغير المسلم - أن رسول الله هو الرئيس العام والمرجع معا، وأن رئاسة الرسول ومرجعيته جزء من مشروع الرسالة الإلهية، وعمليا كان الرسول يتولى الرئاسة العامة والمرجعية معا، ويمارس الاختصاصات والصلاحيات الكاملة للرئاسة العامة والمرجعية في شؤون الدنيا والآخرة، وكان الاعتراف بشرعية رئاسة الرسول ومرجعيته جزء لا يتجزأ من الدين الإسلامي، فلو أن زيدا من الناس قد أقر بأن القرآن كتاب الله المنزل وأن محمدا هو نبيه المرسل، ولكنه كان يرى بأنه لا حق لرسول الله بتولي الرئاسة العامة والمرجعية، لما أعتبر مسلما ولا مؤمنا، لقد كانت الرئاسة العامة والمرجعية هي العمود الفقري للإسلام، بل هي محوره وعنوانه، ولم تكن المؤسسات الأخرى أكثر من مراكز مساعدة، ومكنات شرعية تخضع للرئاسة العامة والمرجعية، ولم يكن للبشر دور يذكر في مسألتي الرئاسة العامة والمرجعية، لأن الإسلام مشروع شامل ومتكامل من صنع الله، واختياره، وتشكل الرئاسة العامة والمرجعية، فصلا من فصوله، ومقوما من مقومات قبوله، متداخلا ومتكاملا مع بقية مقوماته الأساسية، وهذا من أسرار نفور زعامة بطون قريش، من الإسلام، ومن النبي، وسر من أسرار استماتتها في مقاومة النبي وحربه.


التأهيل العام للرئاسة والمرجعية في الإسلام


الرسول كرئيس وكمرجع، اختاره الله تعالى، وليس للبشرية أي دور باختياره لأن الله تعالى أراد أن يكون الرئيس والمرجع هو الأعلم، وهو الأفهم، وهو الأفضل، وهو الأقرب إلى الله، قد أعده الله وهيأه ليكون كذلك، لأنه لو وجد من يتفوق عليه بهذه الصفات، لفقد هذا الرئيس والمرجع العام تميزه ومبررات رئاسته ومرجعيته، ثم إن مصلحة أفراد المجتمع، أو الجنس البشري عامة أن يتمتع رئيسهم ومرجعهم بهذه الصفات، ولكن من الناحية العملية لا قدرة لهم على تحديد من تتوفر فيه هذه الصفات تحديدا يقينيا، لقد تسالمت البشرية وتمنت طوال التاريخ أن يحكمها الأفضل، واعتبرت أن حكم الأفضل في كل شيء أفضل أنظمة الحكم، وأفضل مكتسبات المجتمعات البشرية، لذلك كله تلطفت العناية الإلهية، وقدمت لهم الأفضل، الذي تسالمت عليه وتمنت حكمه طوال التاريخ.

قد تتوفر هذه الصفات في رجل معين، قبل أن يتولى الرئاسة العامة والمرجعية ثم ينحرف بعد ممارسته لأعبائها أمام الإغراءات الهائلة التي تستفز الطبيعة الإنسانية لقد أخذ الله ذلك بعين الاعتبار، فقدر أن من مقومات التأهيل والإعداد الإلهي لمن يتولى الرئاسة العامة والمرجعية أن يكون معصوما، عن الوقوع في الزلل والخطأ والمعصية، حتى لا يسئ استعمال الصلاحيات الهائلة التي أعطيت له وحتى لا يفقد تميزه ومبررات رئاسته ومرجعيته، وحتى يتميز النظام الإلهي عن النظام الوضعي، لذلك كله فقد عصم الله كل الذين اختارهم للرئاسة العامة والمرجعية في الأنظمة الإلهية، وعلى رأسها النظام الإسلامي. وبعد أن عصمهم الله خولهم صلاحيات هائلة تمكنهم من تحقيق الأهداف الكبرى التي أناط الله بهم مهمة تحقيقها. فلا خوف من طغيان الرئيس والمرجع العام ما دام أنه معصوم ومؤهل إلهيا. لماذا اهتدت البشرية لمبدأ فصل السلطات، وعدم تركزها بيد واحدة ولماذا وجدت الرقابة بأنواعها في الأنظمة الوضعية؟ لقد وجدت لمقاومة الطغيان والاستبداد والحيلولة دون وقوعهما.

أما في الإسلام فإن إعداد الرئيس وتأهيله إلهيا، وعصمته والشهادة الإلهية له بأن يتبع تماما ما يوحى إليه من ربه، ضمانات إلهية كافية ضد الانحراف، وإساءة استعمال السلطة. والعصمة تعني الالتزام التام بالصواب، بحيث يبقى المعصوم في دائرة ما أراده الله، والله سبحانه وتعالى الذي خلق الإنسان ودوافعه وميوله وحاجاته، لقادر على أن يبطل فاعلية بعضها، فقد يأخذ من الإنسان القدرة على الإبصار، أو القدرة على ممارسة الجنس، أو القدرة على ارتكاب الخطأ، أو القدرة على الإنجاب فيجعله عقيما، هنالك أناس يتطعمون بأمصال معينة ضد مرض معين فلا يصابون بهذا المرض، ويصاب فيه الذين لم يتطعموا، هذه حالة علمية تجريبية اهتدى إليها الإنسان المحدود المعارف، فما الذي يمنع الله الذي استطال بقدرته على كل شيء أن يعصم إنسانا من ارتكاب أمور معينة، ثم إن العصمة ضرورية، ليبلغ الرسول ما أوحي إليه من ربه بدون زيادة ولا نقصان، وفي الرسالة الإلهية خاصة الإسلامية، تتواجد حالة من التكامل والترابط بين ما هو ديني وما هو دنيوي، فالرسول الأعظم كان يتلقى القرآن وحيا، ثم يتلوه أمام الناس، ومن خلال سنته بفروعها الثلاثة، يبينه بيانا يقينيا، ويطبقه تطبيقا حرفيا، سواء أتعلق هذا البيان بالدنيا أو بالدين، فالعبادات التي تشكل العمود الفقري لكل ما هو ديني تهدف من جملة ما تهدف إلى إعداد المتعبد لصنع سلوك بشري مستقيم ومنسق مع المقاصد الإلهية.

وبالإجمال فإن الرئيس العام والمرجع في الإسلام له ميزات تميزه عن غيره من الرؤساء والمراجع في أي نظام آخر، فالرئيس العام والمرجع في الإسلام، محيط إحاطة تامة بالقرآن الكريم، بوصفه الدستور أو القانون الأعلى الذي يشمل أصول ومبادئ كل شيء يحتاجه الناس، ومن الضروري أن يحيط الرئيس والمرجع العام في الإسلام ببيان هذه القرآن أي بسنة الرسول بفروعها الثلاثة، لأن سنة الرسول هي بيان القرآن وتطبيقه العملي، وبالتالي فلا ينبغي أن يخفى على الرئيس العام والمرجع في الإسلام المعنى اليقيني لكل كلمة من كلمات القرآن، أو لأي آية من آياته وينبغي أن تكون لدى الرئيس العام والمرجع في الإسلام القدرة التامة على الإجابة على أي سؤال يطرحه أي إنسان في العالم.

وينبغي أن لا يكون في زمانه من هو أعلم ولا أفهم ولا أفضل ولا أقرب لله منه، لأنه تميزه وتفرده بذلك هو المبرر لوجوده ولرئاسته العامة ومرجعيته.

إن الرئيس العام والمرجع في الإسلام يمثل صفوة الجنس البشري، وعنوان الكمال الإنساني، سواء أكان هذا الرئيس رسولا أو إماما.


العناية الإلهية، واهتمام الرسول بمن سيخلفه بعد موته


من سيخلف الرسول، من سيبين القرآن، ويبلغ سنة الرسول، ويتولى مهام الرسول بعد موته، فيمارس اختصاصاته وصلاحياته، ويكمل المشوار من حيث انتهى الرسول، من الذي سيؤتمن على أمور الدين والدنيا بعد قتل الرسول أو موته؟

خاصة وأن مسألة قتل الرسول أو موته كانت واردة ومطروحة كإحدى خيارات الشرك، فقبل الهجرة فكرت زعامة بطون قريش التي كانت تقود جبهة الشرك بقتل النبي، ولولا خوفها من بني هاشم ومن فكرة الثأر لقتله، لشرعت بقتله، وليلة هجرة النبي من مكة إلى المدينة قررت زعامة بطون قريش قتل النبي، وشرعت بقتله فعلا، ولكن الله نجا نبيه بسبب لا يد لزعامة البطون به، وحتى والرسول في طريقه إلى دار هجرته طاردته زعامة البطون، وخصصت الجوائز لمن يقبض عليه حيا أو ميتا، بل وأعظم من ذلك أنه حتى وبعد أن أسس النبي دولة الإيمان، وأخضع العرب للشرعية الإلهية، شرعت زعامة بطون قريش بقتل النبي أثناء عودته من غزوة تبوك، والذين شرعوا بقتله خرجوا معه تحت مظلة الجهاد في سبيل الله!! قال تعالى (أفإن مات أو قتل...).


الكارثة الحقيقية والدمار المحقق


فقتل الرسول أو موته دون تحديد من يخلفه كارثة حقيقية، تعرض سلامة الدين والدنيا لأشد الأخطار، وتهدد وجود الأمة نفسه، وتهدم الدعوة والدولة وكل ما بناه النبي، أو تورث ما بناه لألد أعدائه المتحدين ضده الذين يتربصون برسول الله ودين الإسلام الدوائر، وتضع مستقبل كل ما يمت للإسلام بصلة في مهب الرياح العاصفة.

ثم إن المشرع الوضعي مع قصوره وضيق أفقه، يترفع عن السقوط في هذا التصور، فقد احتاط لهذه الناحية، فما من دولة من دول العالم كله - قديمها وحديثها - إلا وقد نص دستورها على من يتولى الرئاسة العامة في حالة قتل الرئيس أو موته أو عزله، وهذا أمر تسالمت البشرية قاطبة، واتفقت كافة الأنظمة المتناقضة على صحته ووجاهته ومنطقيته، وأثبتت الوقائع فائدته وضرورته.


العناية الإلهية بمن يخلف النبي


من الطبيعي أن ينال موضوع من يخلف الرسول بعد قتله أو موته الجزء الأعظم من العناية الإلهية، والجزء الأكبر من اهتمام رسول الله خاصة وأن من يخلف الرسول هو حجر الأساس لنظام الحكم الإسلامي، سواء من حيث الصلاحيات الهائلة التي يتمتع بها، أو من حيث المهام الكبرى الملقاة على عاتقه، أو من حيث مركزية ومحورية الدور الذي سيقوم به بوصفه القائم مقام نبي الله ورسوله.

والمنهج نفسه الذي سلكه القرآن الكريم في الصلاة وهي عماد الدين سلكه في نظام الحكم، أو في خلافة النبي، لقد تحدث القرآن الكريم عن ولاية الله ورسوله والمؤمنين، وعن أولي الأمر ووجوب طاعتهم، وعن الحكم بكتاب الله، وإقامة الحدود، والحكم بالعدل، وعن الشورى، وعن البيعة، وعن الأحزاب، وعن حزب الله، وحزب الشيطان، وعن الأمة...الخ وكل هذه الأمور من لوازم نظام الحكم وضرورات وجوده، ولكن القرآن الكريم لم يبين كل ذلك ولا فصله تفصيلا، إنما ذكر هذه الأمور كأصول ومبادئ عامة، تاركا للرسول الأعظم مهمة بيان وتفصيل تلك المبادئ والأصول على ضوء توجيهات الوحي الإلهي، وكل في حينه، تماما كما فعل بالصلاة وهي عماد الدين، وبالزكاة، والحج... الخ فقد اكتفى القرآن الكريم بذكر الأصول والمبادئ، وترك للرسول البيان والتفصيل، فالقرآن الكريم كدستور ليس معنيا بالتفصيلات، فأكثر التفصيلات قد أحالها القرآن الكريم على رسول الله بوصفه المختص والمؤهل لبيان ما أنزل الله، ولكن الرسول لا يبين ولا يفصل إلا وفق التوجيهات الإلهية، فهو يتبع تماما ما يوحى إليه من ربه.0

فالذين يرفضون بيان الرسول وتفصيله المتعلق بنظام الحكم مثلا تماما كالذين يرفضون بيان الرسول وتفصيله المتعلق في أمور الصلاة والزكاة والحج.. الخ وهم منحرفون حسب الموازين الإلهية، وقد اضطرهم هذا الانحراف والتمادي فيه إلى القول بعصمة الرسول في العبادات وفي ما يتلقاه من القرآن بالوحي، وعدم عصمته في الأمور الأخرى، وقد افتعلوا هذا التقسيم ليبرروا خروجهم على الشرعية الإلهية، ورفضهم لبيان النبي في ما أنزل الله، لذلك قالوا باحتمال صدور الخطأ من الرسول ومجانبته للصواب - والعياذ بالله - في ما هو خارج عن دائرة العبادات!!! وهذا الزعم الفاسد يتعارض مع صريح القرآن، ومع طبيعته، وطبيعة الرسالة الإسلامية، وقد تمخضت عنه عقول الذين بدلوا نعمة الله كفرا، وانحصر همتهم بتبرير مفاسد التاريخ وفضائحه ولو على حساب هدم الدين نفسه فوق رؤوس معتنقيه.

وما يعنينا هو التأكيد أن القرآن الكريم قد أعار نظام الحكم وبالتحديد خلافة الرسول عناية فائقة، من خلال الأصول والمبادئ العامة التي كرسها ومن خلال تكليفه لرسول الله ببيانها وتفصيلها وتطبيقها من خلال سنته المباركة بفروعها الثلاثة، ومن يمعن بالقرآن الكريم وينظر له بنظرة شمولية، ويقف على السنة المباركة يوقن بما لا يدع مجالا للشك، بأن الإسلام من خلال القرآن والسنة، قد عالج أدق تفاصيل ظاهرة السلطة، وبين للناس من سيخلف النبي في كل وقت من الأوقات، وبين لهم كل ما يحتاجونه إلى يوم القيامة. وكانت سيرة الرسول وسنته ببناء دولة الإيمان خطوة بعد خطوة بمثابة التصوير الفني البطئ لطبيعة الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام، وخصوصيتها سواء على صعيد عصر النبوة الزاهر أو على صعيد الخلفاء الشرعيين الذين اختارهم الله لخلافة نبيه، ولو أن رسول الله قد أطيع لما اختلف اثنان، لأن الأمور كانت مرتبة إلهيا ترتيبا محكما.


اهتمام رسول الله بأمر من سيخلفه


قلنا في الفقرة السابقة أن أمر من سيخلف الرسول بعد قتله أو موته، قد نال الجزء الأكبر من العناية الإلهية، لأن هذا الأمر جزء لا يتجزأ من دين الله ومن مستقبل هذا الدين.

وتبعا لذلك وعملا بالتوجيهات الإلهية فإن الرسول الأعظم قد أعطى موضوع من سيخلفه الجزء الأكبر من اهتمامه، ويبدو أن اهتمام الرسول بأمر من سيخلفه كان سابقا لتشرفه بالنبوة والرسالة، لقد ألقى الله محبة الإمام علي في قلب النبي فكان النبي يتردد على بيت عمه أبي طالب بصورة مستمرة ليطمئن على ابن عمه علي وليشرف على تربيته، وفي سنة جدباء اقترح النبي على عمه العباس أن يساعدوا أبا طالب فيكفلون بعض بنيه، فأخذ العباس (جعفرا) وأخذ النبي (عليا لينفق عليه ويضمه إلى أسرته، وكان عمر علي يوم ذاك ست سنوات)(1) وعندما أخذ الرسول عليا ليكفله قال الرسول لمن حضر: (قد أخذت من اختاره الله عليكم عليا)(2) وهذا التصريح الذي قد صدر عن النبي يؤكد، بأن ضم الرسول وكفالته لعلي ترتيب رباني، فقد أراد الله أن ينشأ ولي عهد النبي وخليفته في كنف النبي، ليتربى من سيخلف النبي تربية خاصة، وليعد إعدادا كافيا لتولي الإمامة من بعد النبي وليثبت الله فؤاد علي بما يرى من المعجزات، وهكذا عاش الإمام علي مع النبي في بيت واحد طوال الفترة التي سبقت النبوة، وخلال الفترة التي تلت النبوة وسبقت الهجرة وطوال الفترة التي تلت الهجرة وسبقت موت النبي، وهذا شرف لم يدعيه أحد قط قال الإمام علي في ما بعد يصف طبيعة ارتباطه بالنبي: (وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه، وما وجد لي كذبة في قول، أو خطلة في فعل، وكنت أتبعه إتباع الفصيل لأثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علما، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة(3). سئل قثم بن العباس كيف ورث علي رسول الله دونكم؟ فقال: (كان أولنا لحوقا به، وأكثرنا لصوقا به)(4).

وأخرج البيهقي في دلائل النبوة، كما نقل الأربلي في كشف الغمة عن علي أنه قال: (خرج الرسول في بعض نواحي مكة، فما استقبله شجر ولا جبل إلا وقال له: (السلام عليك يا رسول الله)(5) قال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام): (كان علي (عليه السلام) يرى مع النبي الضوء ويسمع الصوت)(6) وقال النبي (صلى الله عليه وآله) يوما لعلي (عليه السلام): (إنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى إلا أنك لست نبيا، ولكنك وزير وإنك لعلى خير)(7).

وفي اليوم نفسه الذي أظهر فيه النبي (صلى الله عليه وآله) دعوته إلى الإسلام حدد الرسول بأمر من ربه من سيخلفه في حالة قتله أو موته، فقال لعشيرته الأقربين في اجتماع (الدار) المشهور: (إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا)(Cool قال الراوي: (فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع)(9) وقد سمعت بطون قريش كلها بهذا الإعلان، وأخذوا يتندرون به في مجالسهم فيقولون: بأن محمدا قد أمر بإطاعة علي بن أبي طالب لأنه خليفته ووصيه وأخوه، تماما كما كانوا يسخرون من النبي ومن القرآن الكريم نفسه وقد فرض هذا الحديث نفسه، واجتاز كافة الحواجز والعوائق التي فرضتها الخلافة التاريخية على رواية وكتابة أحاديث رسول الله، ويبدو أنهم قد أدركوا خطورة هذا النص على الواقع التاريخي فحذفوا كلمتي (خليفتي ووصيي) ووضعوا بدلا منهما (كذا وكذا) وكانت القلة المؤمنة التي التفت حول الرسول موقنة بأن الإمام علي بن أبي طالب هو الرجل الذي اختاره الله لخلافة رسوله، وكان الرسول يؤكد هذا اليقين في كل مناسبة فقد رفض الرسول إسلام بني عامر بن صعصعة لأنهم اشترطوا عليه أن يدخلوا في الإسلام مقابل أن يكون لهم الأمر من بعده، لأن الأمر من بعده قد حسم منذ البداية وعرف الجميع من هو صاحب الأمر من بعد محمد، والأعظم أن رسول الله كان يأخذ البيعة لنفسه ولولي عهده، قال عبادة بن الصامت: (بايعنا رسول الله على السمع والطاعة والمنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله)(10) والبيعة التي عناها عبادة هي بيعة العقبة، وهذا يعني أن صاحب الأمر من بعد النبي كان معروفا قبل الهجرة، وأن مسألة من يخلف النبي ويقوم مقامه كانت محسومة تماما، وعبادة بن الصامت هذا هو أحد النقباء الاثني عشر الذين شكلوا أعمدة المجتمع الإسلامي في المدينة، وهم بمثابة ممثلي الأمة الجديدة.

وبعد الهجرة من مكة إلى المدينة، واشتعال المعارك الحربية بين رسول الله ومن اتبعه، وبين بطون قريش ومن اتبعها، تألق نجم الإمام علي بن أبي طالب، واكتمل عزه، في بدر، وأحد، والخندق، وخيبر، وحنين، وطبقت سمعته الآفاق، وصار الرجل الثاني بعد النبي، وتوج واقعيا كفارس أوحد للعالم واقتنع الصديق والعدو أنه ليس في العالم كله رجل واحد يستطيع أن يغلب الإمام عليا، وأن كل شجاعة دون شجاعته، وكل رجولة دون رجولته، وكل مكانة دون مكانته، وأن الرجل لا يقهر لأن الله قد خصه بقوة ربانية خارقة، مثلما خصه بعلم النبوة، وشرف القربى القريبة من النبي.

هذا السجل الحافل بالأمجاد هيأ المناخ الملائم أمام النبي ليقدم الإمام علي بن أبي طالب كخليفة له، وكقائم بالأمر من بعده، وكنائب عنه في شؤون الدنيا والدين، وكولي لعهده، لذلك أبرز رسول الله مؤهلات الإمام علي، وملكاته، وبين شرفه، وعزه وعلو مكانته، بكل طرق البيان المألوفة، واتبع النبي ما أوحي إليه من ربه، وعلى مرأى ومسمع من خاصة الأمة وعامتها تابع رسول الله الإعلان والبيان عن تميز ومؤهلات الرجل الرباني الذي اختاره الله وأعده وأهله ليكون أوحد زمانه في كل فضيلة، ومستودع علم النبوة اليقيني، والرجل المؤهل لخلافة النبي)(11).


صلة القربى بين النبي وبين من سيخلفه


فهو ابن عمه الشقيق، فأبو طالب هو الذي كفل النبي ورباه، فكان بمثابة أبيه وقد عبر رسول الله عن ذلك بقوله: (يا عم ربيت صغيرا، وكفلت يتيما، ونصرت كبيرا فجزاك الله خيرا)(12) ويوم مات أبو طالب سمى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عام موته بعام الحزن، ووصف موته بأنه مصيبة(13) وقال: (ما نالت مني قريش حتى مات أبو طالب(14) كذلك فقد كانت أم الإمام علي بمثابة أم لرسول الله، فيوم ماتت قال الرسول: (اليوم ماتت أمي إنها كانت أمي...)(15).

وعندما شرعت الإخوة الإسلامية قبل الهجرة آخى رسول الله بينه وبين النبي وعلي (16) وبعد الهجرة آخى الله بينهما، وقد أكد الرسول هذه الإخوة في أكثر من مناسبة حتى لا ينساها المسلمون كقوله لعلي: (أنت أخي ورفيقي في الجنة(17) وكقوله (صلى الله عليه وآله): (وأما أنت يا علي فأخي وأبو ولدي ومني وإلي..)(18) وكقوله (صلى الله عليه وآله): (بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي...)(19) ولينقش النبي مغزاه في الذهنية الإسلامية، قال لعلي أمام الصحابة مجتمعين: (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس نبي بعدي)(20) فهارون كان أخو موسى ونائبه، لقد أعطى رسول الله لعلي كافة المنازل والدرجات التي كان يتمتع بها هارون عند موسى، ولم يستثن رسول الله إلا النبوة، لقد روى هذا الحديث حتى أعداء علي، وشق هذا الحديث طريقه إلى الأذهان بالرغم من استماتة القوم بطمس الأحكام والفضائل الخاصة بالإمام علي، ومثل هذا الشرف لم يخلع على أحد قط.

ولما حضرت رسول الله الوفاة، كان يكرر (أدعو لي أخي... يعني علينا)(21) واحتج الإمام علي في ما بعد بهذه الأخوة فقال: (أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب)(22).

والأعظم من ذلك أن حكمة الله قد اقتضت بأن تكون ذرية كل نبي من صلبه واقتضت حكمته أن تكون ذرية خاتم الأنبياء من صلب علي ومن أبناء فاطمة بنت رسول الله كما صرح بذلك رسول الله(23) لقد زوج الله فاطمة لعلي، وجعل أولادهما هم أولاد الرسول وكان الرسول يتصرف على أساس أن أولاد علي هم أولاده، فكلما ولد واحد منهم كان الرسول يأتي الأسرة العظمى مبتهجا فيقول: (أروني ابني، ماذا سميتموه؟) فيقول الوالدان سميناه حربا، فقال النبي عند ولادة أولهم بل هو حسن، وعند ولادة الثاني قال بل هو حسين، وعند ولادة الثالث قال: بل هو محسن، وقد علل النبي ذلك بقوله: (إني سميتهم بأسماء ولد هارون شبر وشبير ومشبر)(24)، وكما بفعل الوالد مع أولاده عند ولادتهم أذن النبي في أذن الحسن، عند ولادته، وأذن في أذن الحسين عند ولادته أيضا (25)، وكما يفعل الوالد كلما يرزق بولد أمر النبي بحلق رأس الحسن عند ولادته، والتصدق بزنة شعره فضة، وهكذا فعل عندما ولد الحسين (26).

وعوذ رسول الله الحسن والحسين بما عوذ به نبي الله إبراهيم ولديه (27)، وأعلن النبي أمام أصحابه: بأن الحسن والحسين (عضوان من أعضائه) (28) وأنهما ريحانتاه من الأمة ولا يرضى لهما حر الشمس (29)، وكان يحملهما بفخر على عاتقه ويقول: (نعم الراكبان هما) (30) وكثيرا ما كانا يثبان على ظهر النبي وهو في الصلاة فلا يمنعهما (31) وصدف أكثر من مرة أن النبي كان يخطب بأصحابه فيشاهد الحسنين فيقطع خطبته وينزل عن المنبر ويحملهما (32) وأعلن الرسول أمام أصحابه: (بأن الحسن والحسين ابناه وابنا ابنته، وأن من أحبهما فقد أحب النبي) (33).

هذا نمط من القربى والتماسك والتكامل بين النبي وبين من سيخلفه عجيب، ولا نجد له شبيها في التاريخ البشري كله، هذه طبيعة الصلة بين النبي، وبين خلفائه الشرعيين، وهي طبيعة عجيبة من جميع الوجوه، والأغرب هو ادعاء بعض الأصحاب بأنهم أولى بالنبي من أهله!! لأن الصاحب أولى بالمعروف من ذوي القربى القريبة!!


النبي يعلن بأن خلفائه الشرعيين كنفسه تماما


قال تعالى: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين) لقد أجمعت الأمة على أن رسول الله عندما خرج للمباهلة خرج ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة، وأنه لم يشرك بهذه المباهلة أحدا من المسلمين سواهم(34).

فالأبناء هم الحسن والحسين، والنساء فاطمة، والأنفس هم النبي وعلي، وفي مشهد آخر قال النبي لما انصرف من الطائف في خطبة له:

(والذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو لأبعثن عليكم رجلا مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتليكم وليسبين ذراريكم، ثم أخذ بيد علي وقال: هذا هو (35).

وفي واقعة أخرى جلى رسول الله الصورة عندما بلغه أن بني المصطلق يريدون حربه فغضب الرسول، فعنفهم وهددهم قائلا: (لتنتهن أو لأبعثن عليكم رجلا هو عندي كنفسي يقاتل مقاتلكم ويسبي ذراريكم ثم ضرب بيده على كتف علي)(36).

وتكررت أقوال النبي عندما هدد بني وليعة (37).

وتكررت هذه الأقوال من النبي لوفد ثقيف حين جاءه (38).

وقد أعلن النبي مرات متعددة أمام الصحابة: (بأن عليا مني، وأنا من علي، ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي)(39).

وليفهم المسلمون هذا المعنى، وقياما بواجب البيان، وإقامة للحجة على الناس: أرسل رسول الله أبا بكر - الخليفة الأول في ما بعد بسورة براءة ليبلغها إلى الناس في الحج، فنزل عليه الوحي وكلفه بأن يأخذ سورة براءة من أبي بكر، وأن يعطيها لعلي، وعلل الرسول ذلك بقوله لأبي بكر:

(لا ينبغي لأحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي) (40) وعندما سأله أبو بكر أنزل في شيء يا رسول الله؟ قال الرسول: (لا إلا أني أمرت أن أبلغه أنا أو رجل من أهل بيتي) (41) أو قال له: (لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني) (42).

أو قال: (لا يبلغ عني غيري أو رجل مني) (43) أو قال: (ولكن قيل لي لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك) (44) أو قال: (ولكن أمرت أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني) (45) أو قال: (جاءني جبريل فقال: (لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك) (46).

لقد فرضت هذه الأحاديث نفسها، وتخطت كل القيود والعوائق التي وضعتها دولة الخلافة على كتابة ورواية أحاديث الرسول، وعجز أولياء الخلافة التاريخية عن إنكار هذه الروايات الخطيرة، التي تشل شللا تاما كافة معتقداتهم السياسية، وتجردها من أية صفة شرعية.


الرسول يخلع على من سيخلفه كل الألقاب المعروفة للرئاسة العامة


رأينا أن الرسول عندما جهر بالدعوة لأول مرة، أعلن أمام عشيرته الأقربين بأن علي بن أبي طالب (هو أخوه ووصيه والخليفة من بعده) وكلف الحاضرين (أن يسمعوا له ويطيعوا) (47).

السيد: وأعلن رسول الله بأمر من ربه بأن علي بن أبي طالب هو سيد العرب (48)، وعندما قيل للرسول ألست سيد العرب؟ قال الرسول: (أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب) (49).

أو قال الرسول: (أنا سيد العالمين وعلي سيد العرب) (50) وبأمر من ربه أعلن رسول الله قائلا: (أوحى الله إلي في علي ثلاثا... وإماما للمتقين وقائدا للغر المحجلين، وسيدا للمؤمنين) (51).

كان النبي جالسا وعنده أصحابه حافين به إذ دخل علي بن أبي طالب فقال له النبي أمامهم: (أنت عبقريهم)، قال الراوي أي سيدهم، قال الفيروز آبادي في القاموس: (العبقري الكامل من كل شيء، والسيد الذي ليس فوقه شيء) (52) وإمعانا من النبي الأكرم بالبيان قال النبي لعلي أمام الصحابة الكرام: (أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة، حبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي) (53)، وقال الرسول لفاطمة: (زوجك سيدا في الدنيا والآخرة) (54)، وقال النبي لعلي أمام الصحابة: (يا علي أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة) (55).

علم الإمام: قال النبي لأصحابه: (أنا مدينة العلم وعلي بابها، ومن أراد العلم فليأت الباب (56)، وقال لهم مرة أخرى: (أنا مدينة الحكمة وعلي بابها) (57).

وقال النبي يوما لأصحابه: (علي باب علمي ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به حبه إيمان، وبغضه نفاق) (58).

وقال النبي لعلي أمام الصحابة: (أنت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي) (59).

قال أحمد بن حنبل: (ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله من الفضائل ما جاء لعلي) (60).

الأفضل: وقال النبي يوما لأصحابه: (إن هذا - يعني عليا - أول من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهذا الصديق الأكبر وهذا فاروق الأمة) (61) وقال الرسول لأصحابه يوما: (إن عليا خير البشر فمن افترى فقد كفر) (62) وقال:

(علي خير البشر من شك فيه كفر) (63) وقال الرسول مخاطبا فاطمة: (زوجتك خير أمتي..) (64) وكان الصحابة الصادقون يرسلون كل ذلك إرسال المسلمات (65).

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأصحابه ذات يوم: (النظر إلى وجه علي عبادة) (66).

المنذر والهاد: وقال الرسول لأصحابه يوما من الأيام: (أنا المنذر وعلي الهاد، وبك يا علي يهتدي المهتدون من بعدي) (67).

الولاية: قال الرسول أمام الصحابة لأناس اشتكوا من علي: (ما تريدون من علي ما تريدون من علي؟ ما تريدون من علي؟ علي مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن من بعدي) (68).

بعث الرسول بعثين إلى اليمن... فالتقى البعثان في بني زيد من اليمن فقاتل المسلمون وانتصروا واصطفى علي لنفسه جارية، فاتفقت مجموعة من المسلمين على أن تكتب للنبي بذلك، ودفعت الكتب إلى رسول الله، ولما قرئت عليه غضب، فاعتذر حامل الكتب فقال له الرسول أمام أصحابه: (لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي) (69).

أخبر رجل رسول الله بما كلفه به خالد بن الوليد، فخرج الرسول مغضبا وقال: (ما بال أقوام ينقصون عليا، من تنقص عليا فقد تنقصني، ومن فارق عليا فقد فارقني، إن عليا مني وأنا منه، خلق من طينتي، وخلقت من طينة إبراهيم، وأنا أفضل من إبراهيم، (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم 34) يا بريدة أما علمت أن لعلي أكثر من الجارية التي أخذ وأنه وليكم بعدي) (70).

قال الرسول لعلي أمام الصحابة: (سألت ربي فيك خمسا... وأعطاني أنك ولي المؤمنين من بعدي) (71).

قال الرسول في اجتماع الدار الذي أشرنا إليه: (أخي ووصيي وصاحبي ووليكم من بعدي) (72).

احتج ابن عباس يوما بعد وفاة الرسول فقال: أف وتف وقعوا في رجل له عشر... إلى أن قال: وقال له رسول الله: (أنت ولي كل مؤمن من بعدي) (73).

واشتكى رجل إلى رسول الله قائلا: رأيت كذا وكذا من علي فقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي) (74).

آية الولاية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون*ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون)(75) قال أبو ذر: إن سائلا سأل في المسجد، فلم يعطه أحد شيئا، وكان علي راكعا، فأومأ للسائل بخنصره اليمنى وكان فيها خاتم، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم بمرأى من رسول الله فدعا رسول الله ربه بالدعاء الذي دعا فيه موسى ربه إلى أن قال: (واجعل لي وزيرا من أهلي عليا، اشدد به ظهري... قال أبو ذر فوالله ما أتم رسول الله الدعاء حتى نزل جبريل بآية الولاية، فالمقصود من الذين آمنوا (عليا)(76) واستعمل بصيغة الجمع للتفخيم.


وقائع حفل تنصيب وتتويج من سيخلف الرسول بعد موته


لأن منصب من يخلف النبي هو حجر الأساس لنظام الحكم في الإسلام، ولقطع الطريق على أعداء الله السابقين الذين تستروا بالإسلام، وحتى لا تكون لهم حجة يحتجون بها أمام الله، فقد أمر الله رسوله بأن ينصب ويتوج عليا إماما من بعده وأن يكلف المسلمين بمبايعته فردا فردا تحت إشراف الرسول شخصيا، فصدع الرسول بأمر ربه فأكمل رسول الله والمسلمون شعائر فريضة الحج، ولأن الرسول قد أعلن بأن حجته تلك هي حجة الوداع، وأنه لن يراهم أبدا بعد هذا العام، فقد تعلقت به القلوب والأبصار، وأرادوا أن يتزودوا من النظر إليه، وأن يسمعوا كل كلمة يقولها.

خرج النبي من مكة متوجها إلى المدينة، وتبعته وفود الحجيج، وفي مكان يدعى غدير خم، أناخ النبي ركابه، وأمر برد الذين سبقوه بالسير، وباستعجال الذين تأخروا عنه، وأحيط المسلمون علما بأن الرسول سيصدر بيانه الأخير، وتلخيصه للموقف، من خلال خطبة سيلقيها أمام الجموع.

واحتشد المسلمون بالفعل في غدير خم وجاوز عددهم بأقل التقديرات مائة ألف مسلم ومسلمة، وبعد قليل ظهر النبي وإلى جانبه علي بن أبي طالب، الناس جلوس، والنبي وعلي في حالة وقوف، في مكان مكشوف ومرئي من كل الناس.

خشعت الأصوات، فلا تسمع ولا همسا، العيون معلقة بالنبي وبعلي والجميع يتساءلون، لماذا جمع رسول الله الناس؟! وأي أمر خطير يريد أن يعلنه؟ حمد رسول الله، الله وأثنى عليه ثم قال:

(كأني قد دعيت فأجبت... أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب!!...).

لقد تأكد المسلمون السامعون من أن الرسول سيموت لا محالة فتابعوا بشغف واهتمام كل كلمة كانت تخرج من فم الرسول.

ثم تابع الرسول خطبته قائلا: (وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله فيه النور والهدى فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، وعترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي).

وفجأة سأل رسول الله الجموع المسلمة المحتشدة أمامه قائلا: (أيها الناس من وليكم؟) فردت الجموع بصوت واحد: (الله ورسوله) وهنا أخذ الرسول بيد علي فأقامه ثم قال: (من كان الله ورسوله وليه فهذا علي وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه).

ومرة أخرى سأل الرسول المسلمين: (ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقال المسلمون: بلى! وسألهم الرسول ثانية: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ فقال المسلمون بلى، فرفع الرسول يد علي بن أبي طالب وقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).

ثم قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: أيها الناس إني وليكم، قال الناس نعم، فرفع الرسول يد علي بن أبي طالب وقال: (هذا وليي ويؤدي عني، وأنا موال من والاه، ومعاد من عاداه).

ثم أكد الرسول (صلى الله عليه وآله) الحقيقة التي اتفق عليها الجميع فقال: (إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه).

هذه مقاطع من خطبة الرسول في غدير خم.

1 - بعد انتهاء الرسول من إلقاء بيانه المبارك، عمم علي بن أبي طالب بما يعتم به الملائكة، كناية عن التتويج.

2 - فهم المسلمون المجتمعون مغزى رسول الله، وتلخيصه الدقيق والموفق للموقف فأيقنوا بأن رسول الله قد نصب علي بن أبي طالب وليا للأمة وإماما لها من بعده، ولم يترك رسول الله الأمر عند هذا الحد، بل أمر الإمام عليا أن يجلس في مكان خصصه له، وطلب من المهاجرين والأنصار ومن كافة المجتمعين أن يذهبوا إلى الإمام فيبايعوه، ويقدموا له التهاني بهذا المنصب، وأخذ المسلمون يتدافعون لمبايعة الإمام الجديد وتقديم التهاني له، وكان من جملة الذين بايعوا وقدموا التهاني عمر بن الخطاب، فبايعه وهنأه قائلا: (بخ بخ يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم ومسلمة)(77) أو قال: (هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة)(78) ومن الطبيعي أن أبا بكر وعثمان وكبار الصحابة والمهاجرين والأنصار قد بايعوا جميعا، وقدموا تهانيهم للإمام، ومن الطبيعي أن يبايع كافة الحاضرين وأن يقدموا تهانيهم للإمام، لأن رسول الله قد أمر الجميع بذلك.

بعد أن انتهت مراسم تنصيب وتتويج من سيخلف رسول الله، هبط جبريل ومعه آية الإكمال (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي...) (79) وصار يوم الغدير عيدا.

بعد ذلك عاد رسول الله ومعه حجاج المدينة وما حولها إلى المدينة، أما بقية وفود الحجيج فقد التحقت بأماكن سكناها، والجميع على بينة من الأمر.


النجاح النبوي الساحق بإبراز من سيخلفه


في الوقت نفسه الذي كان فيه رسول الله يركز على حقيقة وطبيعة المكانة الخاصة المميزة التي اختارها الله لأهل بيته، كان النبي يسلط أضواء ربانية قال السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم...) أخرج ابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري، هبط جبريل بهذه الآية لما نصب رسول الله عليا يوم غدير خم، ونادى له بالولاية. وقال: وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر مثل ذلك عن أبي هريرة، قال الخطيب البغدادي في ج 8 ص 290 نزلت هذه الآية في غدير خم بعد المناداة بعلي وليا، راجع تاريخ دمشق لابن عساكر، ترجمة الإمام علي ج 2 ص 75، وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 1 ص 57، والدر المنثور للسيوطي ج 2 ص 259، والاتقان للسيوطي ج 1 ص 31، والمناقب للخوارزمي ج 1 ص 47، وينابيع المودة للقندوزي ص 115، وفرائد السمطين للحمويني ج 1 ص 72 و 74 وتاريخ اليعقوبي ج 1 ص 35، وكتاب الولاية لأبي جرير الطبري، وما نزل من القرآن في علي لأبي نعيم الاصفهاني، وكتاب الولاية لأبي سعيد السجستاني، وتاريخ ابن كثير ج 5 ص 210 وروح المعاني للآلوسي ج 6 ص 55، والبداية والنهاية لابن كثير ج 5 ص 210، وأهل بيت النبوة مجمعون على صحة ذلك كله.

خاصة على الأئمة من أهل بيت النبوة فيقدمهم من خلال تركيزه الخاص عليهم كقادة شرعيين للأمة، وقد ساق رسول الله الخطين معا، فعمم المكانة السامية لأهل بيت النبوة، وأبرز المكانة الخاصة للأئمة الأعلام منهم.

فبين أن أهل بيت النبوة هم المطهرون(80)، وهم أولوا القربى التي فرض الله مودتهم (81)، وهم الأبناء والنساء والأنفس الذين عنتهم آية المباهلة (82) وهم الأبرار الذين عنتهم آية الاطعام (83)، وهم أولوا الأمر الذين فرض الله طاعتهم (84)، وهم أهل الذكر (85)... الخ.

كان هذا يحدث في الوقت الذي كان فيه الرسول يوطد للإمام علي ويقدمه للأمة على أساس أنه الإمام الشرعي الذي سيلي رئاسة وقيادة الأمة بعد موت النبي، ويوطد للإمامين الحسن والحسين على أنهما إمامان شرعيان من بعد أبيهما.

في حفل تنصيب وتتويج الإمام علي الذي تم في غدير خم نجح الرسول الأعظم نجاحا ساحقا بالربط الوثيق بين خطي الرئاسة والمرجعية، فقد أهل بيت النبوة كأحد ثقلي الإسلام، الذي لا تستقيم أمور الدنيا والدين إلا بهما. فأكد الرسول بكل وسائل التأكيد بأن الهدى من بعد وفاته لا يدرك إلا بالتمسك بالثقلين معا، وأنه لا يمكن تجنب الضلالة من بعده إلا بالتمسك بالثقلين معا (86)، وبعد أن نجح الرسول الأعظم بغرس هذه القناعة في قلوب سامعيه عالج الخط الخاص للرئاسة والمرجعية، فقدم الإمام علي بن أبي طالب عميد أهل بيت النبوة كرئيس ومرجع عام للأمة من بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم، وكقائم مقامه، ومؤد عنه أحكام الدين، ثم نصبه وتوجه أمام الجميع، فبلغ بيانه المدى في هذين المجالين، وطوال الفترة التي سبقت الهجرة، والتي تلت الهجرة، والرسول يتلقى التوجيهات الإلهية للأسلوب الواجب اعتماده بتقديم أهل بيت النبوة عامة، وتقديم الأئمة الذين سيلون الأمر من بعده خاصة، حتى إذا م
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
ماهية الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
لمسة حنان :: المنتديات الاسلامية
 :: المنتدى الاسلامى العام
-
انتقل الى: